عمالة الأطفال السوريين

  • 06.04.2018

بنظرات بريئة، وابتسامة خجولة، طالعنا وجه الطفل عبد الرحمن، الذي فتح لنا باب ورشة الخياطة التي يعمل بها في بغجالرـ اسطنبول
نزلنا إلى الورشة في قبو تحت الأرض، لقد كانت تهوية المكان ضعيفة، ولا يصله شيء من ضوء الشمس
رحب بنا صاحب الورشة، وترك لنا حرية التنقل، وطرح الأسئلة على الأطفال اللذين يعملون في الورشة، والتصوير أيضاً، ولكن شريطة أن لا يظهر هو في الصور التي نلتقطها، ونحن قدرنا له هذا التعاون
من أجل أن أساعد عائلتي
يعمل الفتى عبد الرحمن ذو الأعوام الـ 11 في الورشة بدوام قد يصل إلى 12 ساعة يومياً، فهو يزيل بقايا الخيوط من الملابس ويعيد ترتيبها
سألناه: لماذا تعمل ؟
أجابنا باقتضاب وحذر: “ من أجل أن أساعد عائلتي في سوريا”  وبعد أن تحدثنا معه بمودة ارتاح لنا أكثر وراح يقول :”كنت في سوريا ولقد وصلت إلى إسطنبول منذ شهرين، قال لي والدي: لقد كبرت وعليك أن تلحق بأخيك الذي يعمل في تركيا من أجل أن تساعده في الإنفاق على العائلة
وأضاف عائلتي مكونة من 6 أشخاص، والدي مقعد، لقد نزلت قذيفة بالقرب منه منذ 4 سنوات عندما كنا في حلب المدينة، شظاياها كانت سبباً في قطع رجليه، بعدها  اضطررنا للنزوح من حلب إلى قرى إدلب، ونحن ثلاثة أخوان وبنت وأمي وأبي، كنت أتمنى لو أنني دخلت إلى المدرسة، وأكملت تعليمي 
لقد ظلمتنا الحرب
أما محمد عمره 13 عاماً فيقول: لقد خسرنا بيتنا في الحرب، وخسرنا والدنا أيضاً، لذلك قررت أمي أن نعمل أنا وأخوتي الثلاثة وهي أيضاً من أجل أن نجمع أكبر قدر من المال، حتى إذا ما عدنا إلى سوريا يكون باستطاعتنا أن نبني بيتاً يجمعنا كلنا
صمت محمد برهة ثم نظر إلي بحزن وقهر يعتصر قلبه وقال 
 لقد ظلمتنا هذه الحرب يا استاذ 
لكي نبقى على قيد الحياة
وكان لسامر 12عاماً قصة أخرى فيقول:  اضطررت لترك المدرسة من أجل أن أساعد والدي الذي يعمل في محل ألبسة، حتى نستطيع دفع آجار المنزل وما يترتب علينا من نفقات أخرى
ثم استطرد : لا أقبض مرتب كبير، ولكن يجب أن أعمل من أجل أن نبقى أنا وعائلتي على قيد الحياة
التدخين أقل ضرراً من الحرب
أما ربيع 13 عاما فيقول:” كنت أحلم أن أكمل تعليمي من أجل أن أصبح مهندساً، ولكنني استغنيت عن هذه الأحلام من أجل لقمة العيش، لقد مضى على وجودي في تركيا 3 سنوات وراتبي الشهري 1600ليرة تركي، أعيش في سكن شبابي سوري أدفع إيجار 200 ليرة ومصروفي الشخصي شهرياً 500 ليرة والباقي أرسله إلى عائلتي في سوريا.
وفي استراحة الغذاء رأيت ربيع يدخن فسألته: لازلت صغيراً على التدخين ما لذي يدعوك لذلك؟
جاوبني كما الكبار : التدخين مضر، ولكنه أقل ضرراً بكثير من الحرب التي في بلادنا
قليلاً ما يأتي المراقبون
وعندما تحدثنا مع صاحب الورشة الذي امتنع عن ذكر اسمه وهو سوري أيضاً، قال : لا يسرني أن يعملوا هؤلاء الأطفال لدي، ولكن أهلهم يصرون على إرسالهم من أجل لقمة العيش، وإذا ما قلت لهم بأن أولادكم لايزالون صغاراً يتوسلون إلي حتى أشغّلهم من أجل أن يساعدوهم
وعندما سألناه ألا تخشى المسائلة القانونية ؟
قال : قليلاً ما يأتي المراقبون وإذا ما أتوا سأخرج الأطفال من باب الورشة الخلفي بحيث لا يرونهم
السلطات التركية تبذل جهدها
تبذل الحكومة التركية جهوداً حثيثة منذ بداية نزوح السوريين إلى أراضيها، من أجل إدخال الأطفال السوريين في نظام التعليم، فهناك أكثر من 400 ألف طفل سوري مسجل في وزارة التربية والتعليم التركية، ولكن الأعداد الغير مسجلة هي أكثر، خاصة أنه لا توجد أرقام واضحة بالنسبة لعمالة الأطفال السوريين في تركيا، فالشريحة الأكبر منهم ماتزال رهن الورشات والمعامل، أحلامهم مخطوفة وآمالهم ضائعة بسبب أولوية تأمين لقمة العيش  لهم ولعائلاتهم
ما هو الحل ؟
أن نؤمن بيئة صحيحة تحمي الطفل وتساعده على العيش هو وعائلته، عبر المزيد من الدعم للأطفال السوريين وذويهم من قبل هيئات المجتمع الدولي، وتكاتف مؤسسات المجتمع المدني السورية والتركية من جمعيات ومراكز تعليمية وصحية وغيرها، ونشر التوعية اللازمة عبر وسائل الإعلام، كل ذلك من شأنه أن يعيد هؤلاء الأطفال إلى حياتهم الطبيعية، ويساعدهم  للنهوض من جديد

Sosyal Ağ

Yorumlar