حي الفاتح في اسطنبول

  • 09.02.2018

إسطنبول/ محمد شيخ يوسف/ الأناضول داخل أسوار القسطنطينية وعلى مكان مرتفع، يقع حي الفاتح بمدينة إسطنبول التركية، متخذا موقعا في قلب المدينة العريقة، فاتحا أبوابه أمام الجالية العربية لأغراض التجارة والعيش، فضلا عن أجوائه الروحانية. ويستطيع أي زائر لمنطقة الفاتح، أن يستحضر مسيرة الفتح الإسلامي لمدينة إسطنبول في الأزقة القديمة والأحياء والشوارع العريقة. والزائر للحي يمكنه أن يلمس عبق التاريخ، ويرى عظمة الحضارة الإسلامية العثمانية التي يمتد عمرها لنحو 8 آلاف و500 سنة، فيجدها مرسومة على بيوت المدينة القديمة وجوامعها عثمانية. أما إداريا، فجميع المناطق التي تقع داخل أسوار إسطنبول القديمة (القسطنطينية) تتبع بلدية الفاتح، فيما الحي يقع في قلب المنطقة، بمكان مركزي معروف، ويعد من أبرز المناطق التي يقصدها السياح العرب في تركيا. 

**تاريخ منقوش

والفاتح سمُي نسبة إلى السلطان العثماني محمد الفاتح، الذي تمكن من فتح المدينة سنة عام 1453، وبعدها أمر بإعادة إعمار الأسوار، وبنى الكلية التعليمية وجامع الفاتح أحد أهم معالم المدينة، وأسس لأول جامعة عثمانية. في الحي، يوجد جامع الفاتح الذي يدهش الزائر بتصميمه المعماري، ويقع في مكان مرتفع يمكن رؤيته من عدة مناطق بإسطنبول، ويشكل مكانا هاما للأتراك والسياح. كما أن المنطقة جغرافيا على شكل شبه جزيرة في الجانب الأوروبي للمدينة، تحيط بها المياه من ثلاثة جوانب؛ بحر مرمرة ومضيق البوسفور، فيما الجانب الرابع تحيط به أسوار إسطنبول. حالياً، يطلق اسم بلدية الفاتح على القسطنطينية التي تقع داخل الأسوار، وفيها أبرز الجوامع والمتاحف والقصور القديمة، فيما يطلق حي الفاتح على المنطقة التي تضم جامع "السلطان محمد الفاتح" وضريحه. ونظرا لما يحتله السلطان محمد الثاني الملقب بالفاتح، من مكانة في قلوب المسلمين، فإن الحي يكتسب أهمية روحانية إضافية، إذ تجري فيه التظاهرات المناصرة لقضايا المسلمين. 

**قبلة العرب 

خلال السنوات الأخيرة، ومع تطور العلاقات التركية العربية، والحراك الشعبي في عدد من الدول العربية، شهدت البلاد إقبالا كبيرا من المواطنين العرب، وقصد كثيرون منهم مدينة إسطنبول. وشكلت"الفاتح" منطقة جذب كبيرة لهم، لما فيها من تاريخ عريق، وكونها تعتبر حاليا قلب إسطنبول الكبيرة مترامية الأطراف، وكذلك قربها من أبرز الأماكن السياحية والتاريخية، والأسواق المركزية. وازداد التواجد العربي بشكل ملحوظ، وكثرت المحلات التجارية العربية والمطاعم والمقاهي والمتاجر، حتى أن اللافتات أصبحت تُكتب بالعربية، وسماع هذه اللغة لم يعد غريبا مقارنة مع السنوات الأخيرة. 

سمير آدم (مصري)، يقول للأناضول إن "الفاتح نظيفة جدا والبلدية تعمل بشكل جيد. المنطقة تتميز بأسعارها المنخفضة خاصة في الملبوسات". وأضاف أنها "تعتبر سوقا تجاريا مناسبا للعرب، لأن فيها لباسا عربيا مناسب ومحافظا، ناهيك عن موضوع اللغة الذي لا يعد عقبة أمام الزوار". أما فيصل أسعد (يمني)، فيتحدث للأناضول عن المقومات التي تجتذب العرب في منطقة الفاتح. يقول أسعد إنها: "تاريخية فيها مساجد كبيرة ومعروفة، والمنطقة تجتذب كثيرا من العرب،، ووسائل المواصلات متوفرة بشكل جيد. إنها جميلة جدا". ويعبر عن ارتياحه بسبب المحال التجارية، وتواجد العرب بشكل كبير، "فإن لم تكن لغتك التركية جيدة يمكن التواصل معهم". ويقول أسعد إن المنطقة تتميز بانتشار المطاعم العربية خاصة اليمينة والسورية، وهذا الأمر يشهد توسعا كبيرا. ويرى أن منطقة الفاتح مميزة بملاءمتها لجميع الأغراض؛ "من الناحية السياحية، ومناسبة من أجل الطلاب، كذلك الأسواق كثيرة وأسعارها مناسبة، فضلا عن الأجواء الروحانية". 

**منطقة تجارية 

ويتحدث جميل أشقر (سوري) للأناضول حول المقومات التي تدعو رجال الأعمال والمستثمرين العرب، لاختيار حي الفاتح من أجل تأسيس شركاتهم. أشقر الذي يعمل في مكتب للخدمات الاستشارية والقانونية، يقول إنها "منطقة سهلة الوصول لأي مستثمر، ولا بد له أن يزورها لأن الخطة الاستثمارية تبدأ من هنا". وينصح أشقر "أي أجنبي خارج تركيا يرغب بالقدوم إليها لا بد أن يزور منطقة الفاتح". ويلفت النظر في حديثه إلى أهمية وجود أسواق كبيرة في المنطقة، نظرا لقربها من السوقي "المصري" و"المغلق" الشهيرين. ويرى أشقر "أن تجار الجملة يستطيعون التجارة هنا. هناك أسواق للأقمشة والملبوسات، وأخرى تبيع العديد من الأغراض". وأكد أن "هذه الأسباب تدفع بالمستثمرين والمقيمين والزائرين، لتفضيل الإقامة بمنطقة الفاتح". وتشير أرقام غير حكومية، إلى تجاوز عدد أفراد الجالية العربية المقيمة في إسطنبول لأكثر من مليون شخص، وفدوا إليها بشكل خاص بعد التطورات في المنطقة؛ وخاصة من سوريا والعراق واليمن ومصر وليبيا.

 

Sosyal Ağ

Yorumlar